...... كان ساعي البريد الوحيد الذي يصل الى الشارع 16 في الساعة الثامنة والنصف ودقيقتين بكل صباح.. فيجد فتاة في عمر الزهور تجلس مطلة أمام شباك غرفتها وتبتسم..
ويتكرر المشهد معه يوم بعد يوم.. ومرة بعد مرة.. فتولد بداخله إصرار على محادثتها.. فصار يرفع يده لها بالتحية.. وهي لا تفعل شيئاً.. بل؛ تبتسم له فقط..!!
مر شهر آخر.. وهي ما زالت تبتسم له وهو ما يزال يمر عند الساعة الثامنة والنصف ودقيقتين..
ذات يوم كان يحمل رسالة لعنوانها.. وقد فرح بهذا الرقم 206 من الشارع 16.. فأراد أن يستغل هذه المناسبة بالحديث لتلك الشابة المبتسمة في كل صباح.. وهي لا تعلم بأنها كانت تضفي على يومه بهجة وانشراح يكاد يجعله يطير في الفضاء..
تقدم منها قائلاً:
- صباح الخير..
هي ( تنظر إليه و تبتسم فقط )
- صباح الخير.. ( يقولها مرة اخرى، مخفياً خجله من عدم ردها له في المرة الاولى.. لعلها لم تسمعه جيداً )..!!
سمع صوتاً مرتفعاً من داخل البيت.. وكأن أحدهم يخاطبه هو دون غيره :
- اتركها يا بني فهذه مجنونة.. ابتعد عنها قبل أن ترمي عليك ابريق الماء..!!
لم يعي ما سمعه من الداخل.. ولم يكن متاكداً من انه هو المعني بذلك.. فبعد لحظات فقط، ضحكت هذه الجميلة مقهقهة ورمته بإبريق الماء.. بللت وجهه وثيابه، انكسر الإبريق من أثر السقوط على الأرض..
رفع رأسه الى الأعلى يستنشق الهواء.. فكاد يغرق وهو لا يزال على اليابسة..!!
وقال بصوت مسموع : شكراً..!!
=============================
تفاديا لتداعيات الصمت المطبق.. سأهمس علني أصل ذات يوم